كلمة رئيس اللجنة العامة للمؤتمر

     أضحى التقييم في العصر الحاضر ثقافة منتشرة في جميع المجالات المتّصلة بالنشاط البشريّ. فقد أدرك المختصّون، كلّ ضمن دائرة تخصّصه، أهمّية المحطّات التقييميّة رُجتيها المؤسّسة من حين لآخر لتجاوز النقائص ورفع المردوديّة وتطوير الأداء وآليّات العمل. لأجل ذلك باتت جميع المؤسّسات العموميّة والخاصّة توقن أنّ عمليّة التقييم ضرورة حتميّة لكلّ عمل ينشد الترقّي والتطوّر.

     ولم تشذّ التربية عن هذا المنظور، فقد صارت كلّ الأنظمة التربويّة، تقريبا، تولي كبير أهمّيّة لعمليّات التقييم التي تطال مختلف مستوياتها على صعيد البنى والهياكل والموارد، كما على صعيد المحتويات التعليميّة والاختيارات البيداغوجيّة والديداكتيكيّة. ففي الحقل التربويّ اعتُمدَ التقييم  بما هو مجموعة من العمليّات هدفها جمع بيانات ومؤشّرات دالّة، وبما هو إجراء لتصحيح المسار وتعديله  لتقدير كافّة الجوانب المرتبطة بالتعليم مثل المناهج الدراسيّة، وتدبير التعلّم والتعليم، وكفاءة الموارد البشريّة، وفاعليّة التسيير ونجاعة الموارد المادّيّة المتوفّرة، كما اعتُمد لفحص فاعليّة مكوّنات التعلّم كالطرائق والإستراتيجيّات والأنشطة والوسائل، وقياس درجة التحكّم في المعارف والمهارات والقدرات، وتقدير الجهد الذي يبذله المتعلّم والتطوّر الذي يلحقه معرفيّا ومهاريّا ووجدانيّا في ضوء الأهداف المرسومة. وإلى هذا الضرب الثاني ينتسب التقييم الصفيّ الذي يُنجزه المعلّم بمعيّة طلاّبه داخل الصفّ الدراسيّ بغرض تحديد مؤهّلات المتعلّم ومدى تناسبها مع الدفق التعليميّ، وبغرض تعديل مسار تعلّمه في ضوء الثغرات والنقائص المسجّلة على نحو يقصي مشكلات التعثّر.

     ولا مِراء أنّ اختيار «التقييم من أجل التعلّم » موضوعا للمؤتمر التربويّ السابع والعشرين يعكس أهمّيته وتميّزه لتضمّنه منظورا جديدا للتقييم الصفيّ الحقيقيّ من حيث العمليّات والأساليب والأدوات، كما يعكس النزوع إلى إعادة النظر في أساليب تقييم الطلاّب نُشدانا لرؤية حديثة متميّزة لعمليّة التقييم يتركّز فيها الجهد على التحسين المستمرّ لتعلّم جميع الطلاّب. إنّنا في "التقييم من أجل التعلّم"  بإزاء تجربة في التقييم الصفيّ فريدة يتعلّم فيها الطلاّب توظيف معلومات التقييم في توجيه تعلّمهم بغرض تب كيفيّة التعلّم بشكل أفضل وتحديد موقعهم من أهداف التعلّم المرصودة لاختيار الخطوات المقبلة والتخطيط لها بشكل جيّد. وإنّا على يقين أنّ التفاعل الإيجابيّ بين الخبراء والمشاركين في فعاليّات هذا المؤتمر سيُسهم من دون شكّ في تعميق أفق النظر إلى مفهوم "التقييم من أجل التعلّم " ووضع اللبنات الأولى لتقييم صفيّ ناجح فعّال، نحن اليومَ في أمسّ الحاجة إليه.

والله وليّ التوفيق،،،