كلمة رئيس اللجنة العامة للمؤتمر

 

يشهد العالم منذ أواخر القرن الماضي تحوّلات عميقة، فكريّة واقتصاديّة واجتماعيّة، بفعل التطورات المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة التي أثّرت في طرائق إنتاج المعرفة، وفي أساليب العمل، ووسائل الإنتاج، وفرضت عليها جميعا نسقا تنافسّيا.

فقد ذلّلت هذه التكنولوجيّات سُبل النفاذ إلى المعلومة وتخزينها واسترجاعها في أيّ وقت، ويسّرت آليّات تبادل الخبرات والتجارب، حتّى غدت حاضرة حضورا لافتا في حياتنا المعاصرة في جلّ تفاصيلها ومجالاتها، وأضحى إتقان توظيفها شرطا أساسيّا للانخراط في مجتمع المعرفة.

من أجل ذلك صارت المنظومة التربويّة، باعتبار المدرسة مسؤولة عن تأهيل الموارد البشريّة، مدعوّة إلى مواكبة هذه التحوّلات العميقة، وإحلال ثقافة التمكين الرقميّ المحلّ الملائم من البرامج والتوجّهات والخيارات الاستراتيجيّة التربويّة حاضرا ومستقبلا.  

ولعلّ اختيار "التمكين الرقميّ في التعليم" موضوعًا للمؤتمر التربويّ الثامن والعشرين يأتي في سياق الاستجابة للتوجّهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، الداعية إلى بلوغ أقصى درجات الاستفادة من تكنولوجيا الاتصال الحديثة في مجال التعليم، وهي توجّهات اتضحت ملامحها منذ تأسيس مدارس المستقبل وصولا إلى الإذن بإطلاق مشروع التمكين الرقمي في التعليم الذي أعلن عنه جلالته خلال مهرجان البحرين أوّلا لعام 2014م.

كما ينسجم هذا الاختيار، من جهة ثانية، مع مقاصد أجندة التعليم ما بعد 2015 في التأكيد على مفهوم التعلّم مدى الحياة وحقّ الأفراد في تعلّم نوعيّ للجميع، يُنتظر أن تتبوّأ فيه التكنولوجيا الرقميّة والوسائط البيداغوجيّة المختلفة موقعا مهمّا في تفعيله وتشكيل ملامحه ومكوّناته.

ولا يخفى ما لصنّاع السياسات من دور في بلوغ أقصى درجات الاستفادة من تكنولوجيات المعلومات والاتصال في توفير فرص تعليم نوعيّ للجميع مع بداية 2030، ودمج هذه التكنولوجيّات في أجندة التعليم ما بعد 2015، وصولا إلى بلورة أجندة رقميّة واضحة الملامح تُمكّن العاملين في المجال التربويّ من الأخذ بناصية الكفاية التكنولوجيّة التي باتت اليوم كفاية حياتيّة.  

ولعلّ هذا المؤتمر يكون ـ بما سيُـقدَّم فيه من مداخلات وما سيتخلّله من نقاشات وورشات عمل ـ فرصة حقيقيّة لتأسيس لبنات ثقافة التمكين الرقميّ الفعّال بما يسهم في تحسين جودة التعليم والتنمية المستدامة للاقتصاد المعرفيّ.

والله وليّ التوفيق

                                                                                                د. نورة أحمد الغتم

                                                                                                         رئيسة اللجنة العامّة للمؤتمر